يروى قديما أن اثنين من العبيد السود دخلا إلى مصر فقال أحدهما للآخر : ما حلمك ونحن نقف فيسوق النخاسة ننتظر من يشترينا؟
فقال له : حلمي أن أباع إلى طباخ لآكل ما شئت متى شئت، وما حلمك أنت ؟
فأجابه : حلمي أن أملك هذه البلاد فأكون ملكها المتوج وصاحب الكلمة العليافيها .
فقهقهة الآخر ساخرا ....وأقبل السادة يثمنون العبيد وبيع كل منهما إلى سيده وافترقا.
ومضت السنون، و توالت الأحداث وعمد كلا الاثنين إلى إنجاز ما يتطلبه حلم كل منهما، حتى أصبح حلم الذي تمنى الملك حقيقة لا خيال.
هذا هو ( كافور الإخشيدي ) والذي كافح حتى وصل ليحكم مصر وصار علامة بارزة حتى أن الفاطميين متى فكروا في غزو مصر وتذكروا كافور قالوا : " لن نستطيع فتح مصر قبل زوال الحجر الأسود " .
وها هو محمد– صلى الله عليه وسلم - يقول :" إذا تمنى أحدكم فليستكثر، فإنما يسأل ربه عز وجل ".
و حينما نعود لتأمل التاريخ نجد أن كثيراً من الإنجازات التي انتفع بها البشرية كانت نتائج لأحلام أصحابها، تلك الأحلام التي لم تقف إلى حد التمني فقط بل كانت ثمرة يانعة لجهود متصلة..
فلا يمكن لأي مشروع نهضوي أن ينجح إذا لم يكن صاحبه يمتلك صورة ذهنية لمشروعه، يعيش في كل يوم وهو يرى كيف أن حلمه يزداد ويتسع.
يقول كولين ويلسون :" الخيال الجيد لا يستخدم للهروب من الواقع وإنما لخلقه ".
وفي إحدى اجتماعات أعضاء شركة ديزني قامت إحدى الحاضرات وقالت متأثرة :" ليت والت ديزني حي بيننا اليوم ليرى إنجازاته الهائلة "
فرد عليها أحد الجالسين بقوله :" لقد رأى ديزني هذا بالفعل قبل أن يشرع فيه، وإلا لما أصبح حقيقة قائمة اليوم " .
يقول الأستاذ كريم الشاذلي معلقا على هذه القصة :" لقد رأى أديسون المصباح، والأخوان رايت الطائرة، وهنري فورد السيارة، قبل أن يشرع أي منهم بخطوة واحدة، بل لم يحركهم ويحفزهم سوى هذا الحلم الذي أضج مضاجعهم، وأهاج بداخلهم طوفان الطموح الجارف " .